بلاغات وإعلانات

المملكة العربية السعودية: هل تُفتح مكة لغير المسلمين؟

تتسم العلاقة بين الدين والسياحة بتناقضات عميقة، بين من يرفض الربط بينهما وبين من يرى أن الأماكن المقدسة موردا اقتصاديا كغيره. فسوق السياحة الدينية العالمي يُقدّر بقيمة 15.5 مليار دولار في عام 2023. فهل صار الإيمان يخضع لمنطق السوق؟ وكيف أصبحت الأماكن المقدسة مواقع جذب سياحي، يتم الترويج فيها للدين كمنتج استهلاكي؟ هل نحن أمام "تسليع" للإيمان تتحول فيه الشعائر الدينية إلى منتوجات تُباع وتُشترى؟ كيف تحول الخطاب والنظرة في المملكة العربية السعودية من رفض لمصطلح السياحة الدينية الى اعتبار الحج ضرباً من السياحة؟ وهل يجب فتح الحج والعمرة لغير المسلمين؟

السياحة الدينية

يمكن تعريف بعض الممارسات الدينية اليوم بأنها سياحية وفق تعريف المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء والدراسات الاقتصادية والذي يرى أن السياحة تشمل جميع الأنشطة التي يقوم بها الأفراد أثناء رحلاتهم خارج بيئتهم المعتادة، لأغراض الترفيه أو الأعمال أو غيرها، بشرط ألا تتجاوز السنة الواحدة وألا تكون متعلقة بوظيفة مدفوعة الأجر في الوجهة المعنية.

المعالم الدينية مثل الكاتدرائيات والأديرة والمساجد والمعابد، سواء كانت مقدسة أو مجردة من قداستها، تجذب الزوار بشكل متزايد ضمن ما يعرف بـ “السياحة الثقافية أو الدينية”. كما أن الفعاليات الدينية الكبرى، مثل الأعياد (عيد الميلاد، عيد الأضحى…) والحج (لورد، مكة، قم…)، باتت تتخذ طابعًا سياحيًا واضحًا، حيث تحيط بها أسواق وزيارات مدفوعة الأجر ومرافق فندقية فاخرة.

 المعارضة الدينية للسياحة

بالرغم من استفادة المؤسسات الدينية من السياحة، إلا أن هناك معارضة دينية قوية لهذا الاتجاه. ففي العديد من الأماكن، تُمنع زيارة المواقع المقدسة من قبل غير المؤمنين للحفاظ على طابعها الروحي.

بعض الجماعات ترى في السياحة تهديدًا للهوية الدينية. على سبيل المثال يتم التضييق على بعض الأقليات الدينية لزيارة أماكن مقدسة تخص أديان أخرى، حتى لو كانت جزءا من تاريخهم الثقافي.

فيما يخص النساء، ورغم التقدم الذي تشهده العديد من المجتمعات الا انها تفرض قيودا على دخولهن الى بعض الأماكن الدينية مثل جبل اتوس في اليونان، أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فقد أعلن نائب وزير الحج والعمرة عبد الفتاح مشاط، أنه تقرر عدم اشتراط وجود محرم للنساء في حج هذا العام.

مسألة التعايش

يبقى التساؤل مطروحًا حول إمكانية التعايش بين السياحة والممارسات الدينية. فهناك أمثلة على الانغلاق التام أمام السياح (مثل مكة والمدينة المنورة)، وأمثلة أخرى على الانفتاح الكامل حيث يتم استغلال الزوار لدعم القضايا الدينية والاقتصادية. هذا التباين بين الانفتاح والانغلاق يعكس الصعوبات التي تواجهها المجتمعات الدينية في التوفيق بين الحفاظ على قدسية الأماكن الدينية وبين الاستفادة من الفوائد الاقتصادية للسياحة.

مشروع رؤية 2030

في إطار رؤية المملكة 2030، أطلقت السعودية العديد من المشاريع السياحية الكبرى بهدف تنويع اقتصادها على المستوى الدولي. من بين هذه المشاريع، يبرز مشروع “القدية” الذي يهدف إلى تحويل المنطقة إلى وجهة سياحية فاخرة مع التركيز على الاستدامة البيئية. يشمل المشروع إنشاء منتجعات فاخرة، مرافق ترفيهية، ومطار دولي يعكس هذا المشروع رغبة المملكة في تنويع مصادر دخلها وجعلها وجهة سياحية رائدة على مستوى العالم. وفي نفس الوقت، تزداد أهمية السياحة الدينية كجزء من هذا التحول. فكيف يمكن أن يؤثر هذا التطور في المشاريع السياحية على السياحة الدينية والحفاظ على قدسية المواقع المقدسة؟

الضيوف:

  • أحمد بن حسن الشهري، الكاتب والباحث في العلاقات الدولية ورئيس منتدى الخبرة السعودي
  • سامح إسماعيل، باحث ومحاضر في العلوم السياسية وفلسفة التاريخ – القاهرة – مصر
  • صهيب بن شيخ، المفكر والباحث في الشؤون الإسلامية – الجزائر العاصمة
  • سعد سلوم، خبير في شؤون التنوع الديني في الشرق الأوسط – بغداد – العراق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى