جيل زد 212: احتجاجات شبابية تكشف تطلعات الشباب المغربي
الشباب المغربي في الواجهة: احتجاجات جيل Z 212 تكشف رهانات المرحلة

في أواخر شهر شتنبر 2025، شهدت عدة مدن مغربية، منها الرباط، الدار البيضاء، طنجة، مراكش، أكادير، ووجدة، موجة احتجاجات شبابية غير مسبوقة، قادها جيل الشباب المعروف بـ”جيل زد 212″. امتدت هذه الاحتجاجات من 27 إلى 29 شتنبر، وتم تنظيمها عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك وإنستغرام وديسكورد، دون قيادة مركزية أو انتماء حزبي، ما يعكس تحولًا في أساليب التعبئة الاجتماعية والسياسية لدى الشباب المغربي.
انطلقت الاحتجاجات بعد حادث مأساوي في مستشفى الحسن الأول بأكادير، حيث توفيت ثماني نساء أثناء الولادة، ما أثار موجة غضب شعبي وسرعان ما تحوّل إلى حراك يطالب بإصلاحات في قطاعي الصحة والتعليم، وتوفير فرص العمل، ومكافحة الفوارق الاجتماعية. رفع المحتجون شعارات مثل “الصحة أولًا، مابغيناش كأس العالم”، معبّرين عن انتقاد الإنفاق على البنية التحتية الرياضية على حساب الخدمات الأساسية.
تشير الأرقام إلى أن أكثر من 11 مدينة مغربية شهدت احتجاجات، وتم اعتقال أكثر من 120 شخصًا خلال اليومين الأولين، وفق ما رصدته المنظمات الحقوقية. كما تعكس هذه الاحتجاجات أبعادًا اجتماعية أوسع، حيث تصل نسبة بطالة الشباب إلى 35.8%، فيما تبلغ بين حاملي الشهادات العليا حوالي 19%. وتبلغ ميزانية قطاعي الصحة والتعليم حوالي 118 مليار درهم، أي ما يعادل 16.4% من الموازنة العامة لعام 2025، وهو ما يوضح حجم الموارد المتاحة مقارنة بحجم المطالب الاجتماعية.
من الناحية التحليلية، يُظهر الحراك رغبة واضحة لدى الشباب في تجديد القيم الاجتماعية والمطالبة بالعدالة والمساواة، مع التركيز على تحسين القطاعات الحيوية التي تؤثر على حياتهم اليومية. كما أن الاعتماد على أدوات رقمية للتنظيم يعكس تحولًا ثقافيًا وتقنيًا في أساليب المطالبة، ما يجعل هذه الاحتجاجات نموذجًا لحركات اجتماعية حديثة، تُسهم في رسم مسارات إصلاحية مستقبلية، ويُنتظر أن تؤثر في كيفية التعامل مع مطالب الشباب ومناقشتها ضمن أطر مؤسسية واضحة.
سلمى شكوري